الأيقونة البعقلينيّة والحمى الطبيعي – حرج بعقلين
لقد أعز الخالق مدينة بعقلين العريقة المتجذرة في أعماق التاريخ الوسيط والحديث من حيث التراث الإنساني المتمثّل بمن قطن هذه البقعة الطبيعية المتميزة، وخصوصاً كافة العوائل الكريمة التي صنعت الرواية الحقيقية والنصّ المتواتر منذ القِدم عمّا حوت هذه الأرض الزكيّة من سوالف عبقت وأزهرت أمجاداً وفخراً نعتزّ به على مدى الزمان.
وممّا تميّزت به بعقلين هذا الموقع الطبيعي الخلاّب المعروف منذ القدم بحرج بعقلين المحاط بالعديد من التلال المرتفعة الغنية بأشجارها المتنوعة كالصنوبر والسنديان والبطم والملول والمحاط بأشجار الزيتون، بالإضافة إلى النباتات المختلفة الأصناف والألوان والتي تشكّل المظلة الحاضنة لعمق الحرج الذي يتناغم مع محيطه شكلاً وروحاً، منتجاً حالةً فريدة غاية في الروعة من الفوضى المنظمّة الصامتة والساكنة التي تتجلّى فيها روعة الخلق وعظمة الخالق. فكلّ من تطأ قدماه هذا المكان يشعر بأن باباً من أبواب الجنّة قد فُتح له فتستقبله النسمات المنعشة وتغاريد الطيور على مشاربها.
حرج بعقلين قِدَمُه قِدَم التكوين لكن بصمات الإنسان مطبوعة فيه وبقايا هذه البصمات موجودة ومرتبطة بالذين كدحوا من أجل قوت اليوم ولقمة العيش والبقاء في هذه الأرض، فأبناء بعقلين كما أبناء الجبل عموماً تفاعلوا مع الأرض فكانت المعنى الحقيقي والمطلق لوجودهم، حموها فحمتهم وأعطوها فأعطتهم، وأكلوا من خيراتها ووريوا في ثراها. وما زالت آثارهم في حرجها ماثلة حتى اليوم (آبار- آتون- ممرات- مجاري مياه) وغيرها من الرموز التي تشير إلى حركة الحياة في هذا المكان من الزمن الغابر.
أمّا ما علمناه عن حرج بعقلين كان قليلاً نظراً لعدم إهتمام الجيل المنصرم والجديد بتدوين الأخبار والسوالف، مع ندرة الوثائق الثبوتية بهذا الشأن. لكن بالتحليل وبما تبقى من أثر وما تناقلته الألسن من كبار السنّ المعمرين والذين عايشوا شيئاً من ذيول الحياة القروية البسيطة والمتواضعة والصعبة والشاقة في نفس الوقت، مقارنة بالزمن الحالي، فخرج هذا النصّ للبيان وإحتياج المكان.
ويقال أن الملكية الأساسية للحرج كانت لعائلة خضر وقد وهبته مشاعاً لبعقلين، وأصبح تحت وصاية البلديات المتعاقبة ورعايتها، وقد دخلت هذه البقعة في نفق الإغفال والإهمال منتصف القرن التاسع عشر وصولاً إلى بداية عام 2002 وبمسعىً من بلدية بعقلين قدّمت السفارة الفرنسية مساعدة لتأهيل الحرج بالتعاون مع إتحاد بلديات “Lele” الفرنسية وإتحاد بلديات الشوف الشويزاني وجمعية محمية أرز الشوف.
تسميات الأماكن الأثرية والتراثية المتداولة بحسب مواصفاتها
مغارة الضبع
عُرف الضبع بأنه مكنسة الغابة او كانسها الذي يلتهم ما تبقى من مخلفات وجيف الحيونات وبعض النباتات العفنة. ويتميز الضبع بقوة فكيه وصلابة اسنانه الطاحنة والكاسرة وفضاضة شكله ونتانة رائحته. وقد اصبح نادر الوجود في هذا الوقت.
نقطة الرصد
كناية عن قبوٍ خَرِبٍ يعتقد انه نقطة مراقبة او رصد لحراكٍ ما او للاستشعار عن بعد لفهم ما يجري في محيط المكان او بعيداً عنه من خلال قيلولة قصيرة هادئة وساكنة.
حافة الشير
بالعامية “الشوار”، وفي غابة حرج بعقلين العديد منه وهو في صلب التكوين البديهي للطبيعة وما من جبلٍ إلا وله منحدرات مختلفة في ارتفاعاتها، فمنها غير حاد ومنها عامودي مخيف وخطر ينتهي بوادٍ سحيق يستوجب اخذ الحذر والحرص والتنبه لدى الاقتراب.
محطات الاستراحة
موجودة على المسارات جميعها وهي بقاع صغيرة للجلوس على صخرة او تحت شجرة للتفيؤ واخذ قسط من الراحة بعد عناء السير ومن ثم استئناف المشي لتكملة تشعبات الدرب في قلب الحرج الطبيعي.
اوكار الافاعي والزواحف والحشرات
وهي منتشرة على مجمل بقاع حرج بعقلين وفي كل زاوية منه (في الصخور- تحت التراب – بين النباتات – وجذوع الاشجار) وبالتالي هي جزء لا يتجزأ من الحياة في هذة البقعة وتسهم بعملية التوازن البيئي.
اوكار الثعالب:
يحفر الثعلب وكرة باظافره ليأوي اليه كمنزلٍ آمنٍ، يضع فيه صغاره وبعض الأغذية جاعلاً فيه ممرات صغيرة كمخارج لهروبه في حالات استثنائية تتعلق بصفاته الماكرة والذكية بموجب الفطرة الإلهية.
اسرار الغابة
والتي لا تبوح بها الغابة إلا لمن اطمأنت له كزائر مسالم تواق لمشاركتها والانصهار معها في ملكوت الخالق حريصاً على كتم سرها حامياً لنفيس درها.
الاصغاء الالزامي
عند التوقف قليلاً في حضرة هذا المكان يفرض عليك إلزامية الاصغاء لبلاغة ما تقوله اجواء الغابة من جماليات التعبير.
الصمت المنظم
للتعلم من ثقافة الطبيعة كيف تنسق سكونها وتنظمه لتعطي للمخلوقات درساً يتدرجون من خلاله في الارتقاء فتكون لهم القدرة في الارشاد الى ما هو اعمق.
طاقات النسيم
وهي جزء من الطاقات الكونية الكبرى، تفلج الصدور وتحي القلوب والانفس وتغني عن ما هو غير مرئي لتنعش الروح وتجدد الآمال وتفتح في الآفاق.
بطن الوادي
والشبيه بجسد الانسان فلا وادٍ إلا وله مرتفع ورأس ووسط وأوتاد وشرايين وهيكل وعصب وحركة. والبطن هو الحضن الذي يحضن كل من يستغيث ويلجأ اليه.
المأمور او الناطور (ابو متعب)
النواطير هم مجموعة من المراقبين المحليين للأحراج تم اعتمادهم وفقاً للنظام الإداري في جبل لبنان في آواخر العهد الشهابي المنصرم. وقد اشتهر منهم في بعقلين وفي تلك الآونة الناطور “أبو متعب العرّة”، الذي عُرف بحسب الرواية المحلية بـ “قاهر الضباع” لما كان يتّصف به من شجاعة في مواجهة وحوش الغابة كالذئاب الكاسرة والخنازير البرية وأبناء آوى والأفاعي على أصنافها. ومن خلال التشبيه الخيالي جسّد له القيميين على الحرج تمثالاً يحاكي مواصفاته.
الآتون الصغير
بقايا لآتون مهدم صغير الحجم قديم لم يعرف عنه شىء وينطبق عليه مواصفات الآتون الاكبر على مدخل الحرج الرئيسي.
المطل:
الذي إذا استمهلت ووقفت عليه متاملاً ومشرفاً على روعة وجمالية ما تصل اليه الابصار واطلاق العنان للتامل غير المحدود في عظمة التكوين.
الممر الصخري الرطب
والذي يشعر المارة عند سلوكه برطوبة وعذوبة . هذا الممر مضلل بالاشجار الكثيفة التي تخيم فوق الصخور المختلفة الاحجام والتي تحميها من حرارة الشمس وتحافظ على برودتها.
المكنونات
وتحاكي الكثير من الظواهر المستورة والمخفية في جوف الحرج والتي تحتاج للتفكر والخيال من اجل فهمها بالعمق وهي متلازمة مع الظواهر التي نراها بالعين المجردة.
الاصداء
تسمعها عند سيرك وحيداً او برفقة من يوثر الصمت على الكلام. فاذا اصغيت لصوت الغابة سمعت الترداد، واذا افضت بالاطراء عليها حاورك صداها.
الغار الصغير
مخبأ وفتحة مظلمة يأوي اليها مطلق اي حيوان مار ليشعر بالامان بداخلها حيث يأخذ قسطاً من الراحة او لصون نفسه من عاصفة هوجاء او مطر داهم.
الدغلات
وهي معسكرات مكتظة بالاشجار المتقاربة والكثيفة تتموضع فيها الخنازير مع ازواجها وخنانيصها، ترتاح، تلاحظ، تراقب وتستشعر حركة الغابة.
المسار الايمن
من مدخل الحرج الرئيسي لناحية قبة “صحن الرز”.
المسار الاعلى
يساراَ من مدخل الحرج الرئيسي لناحية قبة “تين عميص”.
المسار الاوسط
المؤدي الى التقاء المسارين الايمن والاعلى في نهايتهما.
المسار السفلي
المؤدي الى عين المديلب “فوق بكرزاي”.