أقسام حمى حرج بعقلين
المحطة الشرقية
وهي مدخل الحرج الأساسي المعروف قديماً بالباب عبر الزاموقة أو فرج الحرج والبوغاز، وهو ممر هوائي غربي شرقي يدخله الضباب وكأنه موجٌ جارف. وتضمّ هذه المحطة الشرقية فسحة تغطيها أشجار الصنوبر والسنديان والملول وفيها آتون الحرج الذي كان يستعمل في القرن الثامن عشر لصنع الكلس وهو من آثارات بعقلين الفريدة والجميلة والنادرة وموطئ لإلتقاء الفلاحين المزارعين.
الآتون
له عدّة تسميات ( آتون- لاتون- ياتون- تون) وغيرها وهو بناء حجري مكدّس فوق بعضه البعض أو شبيه بغرفة دائريّة، بإرتفاع لا يقلّ عن ثلاثة أمتار يُبنى خارج القرى والأماكن السكنية يستعمل لحرق وشواء أحجار الكلس لتصبح أحجاراً ناعمة ومرنة تطحن وتذوّب، من أجل طلاء جدران البيوت من الداخل ومزجها مع الطين والملح قبل إكتشاف الإسمنت الحديث. ولحجر الكلس منافع أخرى حيث كان يوضع في قعر الآبار التي تملأ من مياه الأمطار والتي تهطل على سطح المنازل لغاية تعقيمها من الجراثيم، وبالتالي تطلى جدرانها أيضاً بمحلول الكلس لهذا الغرض.
فالآتون حفرة شبيهة ب “المنقل” أو “الكانون” الذي يستعمل للشواء أو للتدفئة، حيث تُبنى الأحجار الكلسية على مبدأ قبة دائرية وتوقد النار من تحتها لمدة 48 ساعة حتى يقع قفل الدائرة الأوسط – الأعلى، مما يشير على نهاية عملية الشواء بنجاح. وأساس إشارة النضوج، هو تحوّل الدخان من اللون الغامق إلى اللون الفاتح الأبيض. ومن الممكن تخزين الكلس لأجلٍ غير مسمّى أو لوقتٍ طويل حتى داخل الماء. وسوف تزداد جودته مع الزمن وله عدة إستعمالات مفيدة خصوصاً حماية النباتات والأشجار وإبعاد ضرر الحشرات المؤذية عنها. والكلس مادة من أهم المواد الخام فائدةً على الإطلاق.
المشحرة
تقع الى إلى جانب الآتون والتي يتم من خلالها صنع الفحم الطبيعي الذي كان يستخدم في بيوت القرية للعديد من الحاجات. ويقول المثل الشعبي القديم “يا مشحرة يا معفّرة”. وكنا نسمع هذا المثل الشعبي من أسلافنا ويعتقد أن مصدره يعود إلى هذه الحرفة العتيقة والتي كانت حاجة للناس بإستعمال الفحم من خلال صناعة المشاحر والتي تكاد أن تكون قد إنقرضت في أيامنا هذه إلاّ عند بعض التجار.
ويعود مصدر كلمة “المشحرة” الى كلمة “تشحير” المرتبطة بسواد اللون أو إتساخ جلد الإنسان وملابسه عند ملامسته أو تعرضه للإحتكاك بالفحم ودخانه أو عندما نمسك رماد الفحم وبقاياه فينتج عنه الغبار الذي نسميه العفار.
وبالرواية المتناقلة عند القبائل البدائية غير المتحضرة وخصوصاً في حالات الحزن كانت الناس تصبغ وجوهها بالشحار دلالة على هول المصيبة. وإنتفت هذه الحالة مع مرور الزمن لكن بقي المثل المعروف “يا مشحّر” و “الوضع شحار” و “الحالة شحار بشحار”، وإلى ما هنالك من إستعمال لهذا المصطلح في حالات اليأس والغضب والأكدار.
وفي غابة حرج بعقلين يوجد العديد من المشاحر في مواقع مختلفة داخل الغابة لصناعة الفحم وتوزيعه على البلدة والقرى المجاورة وما زالت هذه المعالم ماثلة إلى اليوم.
أما صناعة المشحرة فلها قاعدة أساسية من أجل جودة الفحم الطبيعي، فصناعة المفاحم أو المشاحر تعتمد على الخبرة المأخوذة عن الأقدمين الذين تمرسوا في هذه المهنة من خلال إعتماد أنواع الحطب ذات الفعالية كالسنديان والملول والزيتون والبطم، وتتلخص هذه العملية بما يلي:
يقطّع الخشب إلى قطع متوسطة وصغيرة.
يُجمع على بقعة صلبة مستوية بشكلٍ متماسك وهرمي، أو على طابع القبة
يغطى بالتراب.
تشعل النار في داخله وتقفل مخارج الهواء كي لا تحرق النار الخشب
تترك فتحات بسيطة وصغيرة للتسرب الخفيف حتى تفعل الحرارة الساخنة فعلها في تنشيف وتجفيف الخشب.
تحتاج هذه العملية إلى متابعة ومراقبة دقيقة من أجل سدّ فتحات تسريب الدخان بالتراب قد تصل الى اسبوع حتى ينضج الفحم.
يزال التراب عن المشحرة
يقطع الفحم بعد أن يبرد ويعبأ بأكياس أو حاويات خشبية مخصصة لهذا الغرض ويطرح في الأسواق.
قصة ناطور الحرج
قصة ناطور الحرج والنواطير هم مجموعة من المراقبين المحليين للأحراج تم اعتمادهم وفقاً للنظام الإداري في جبل لبنان في آواخر العهد الشهابي المنصرم. وقد اشتهر منهم في بعقلين وفي تلك الآونة الناطور “أبو متعب العرّة”، الذي عُرف بحسب الرواية المحلية بـ “قاهر الضباع” لما كان يتّصف به من شجاعة في مواجهة وحوش الغابة كالذئاب الكاسرة والخنازير البرية وأبناء آوى والأفاعي على أصنافها.
ومن خلال التشبيه الخيالي جسّد له القييمين على الحرج تمثالاً يحاكي مواصفاته.
المحطة الغربية
والتي تضمّ:
باحة مستحدثة وفيها غرف خشبية للإستراحة مسقفّة بالقرميد تشرف على الوادي الذي يصل إلى ضيعة بكرزاي المجاورة لحدود حرج بعقلين. وتستعمل هذه الباحة للسهرات الكشفية وللتجمع عند وصول الزائرين، قبل إنطلاقهم للتعرف على جغرافية الحرج في ظلّ مناخه العليل وهواءَه النقي اللطيف النظيف صباحاً والبارد ليلاً.
ممرات متعددة طرق متفرعة للتوغل والسري في شرايين الحرج. وهي قديمة ومشغولة بأنموذج بدائي لكنه يؤدي الغرض المطلوب، ويعتقد أن بعضها من الحقبة الرومانية.
بقايا غرف مهدّمة تستعمل للإيواء في حال مداهمة الأمطار والعواصف للمكان.
ماكن غربية تشرف على الوادي السحيق حيث يرى الشاطئ البحري، وأغلب الظنّ إنها للمراقبة والإرصاد.
آتون آخر في أسفل الحرج لم يبقَ منه إلا معالمه المدمرة.
أعماق الغابة
حيث تصل إليها مجموعات المشاة الزائرة عبر طرقها المتفرعة غير المستوية تحت إشراف المرشد المختص والدليل البيئي المكلف رسمياً من قبل السلطة المحلية الرسمية.
حرج بعقلين أيقونة هذه المدينة العريقة، كان وسيبقى ملاذاً لمن أراد التمتع بجمال الطبيعة وموقعاً للرياضة الجسدية والروحية، وإرثاً نفيساً وجبت حمايته ورعايته وصيانته والحفاظ عليه.